أستاذ علم النفس:التفكير “الناقد” درع واقي ضد “غسيل” العقول
كتب : سارة جمال:
“ما تبيعش دماغك، ما تسلمش عقلك لحد…” عبارات دارجة نرددها كثيراً كحائط سد بيننا وبين كل شخص يريد أن ينجح في إقناعنا بأفكاره، أو تغيير اتجاهتنا أو معتقداتنا تجاه أمر ما، ومن المهم جداً أن نستخدمها كحيل دفاعية ضد الأفكار العديدة والمنتشرة حولنا والتي تأتي إلينا من كل مكان، خاصة وأن الأفكار هي أساس السلوك، وبها يتحدد شكل حياة الإنسان ، ويعد في استسلام الفرد لأي فكرة تعرض عليه خطر كبير لأنه بذلك يصبح قابل للسيطرة عليه من قبل الآخرين وتوظيفه لخدمة مصالحهم وغايتهم.
وفي هذا الشأن يقول دكتور أيمن عامر، أستاذ علم النفس، جامعة القاهرة:”حافظ على عقلك، ولا تتقبل أي فكرة بسهولة، وكن مستقبلاً لكل ما حولك من أفكار حتى ولو كانت مختلفة مع ما تؤمن به ولكن بطريقة ناقدة، وذلك حتى لاتصبح فريسة سهلة وتكون من ضحايا غسيل العقول”.
مفهوم غسيل العقول
وعن مصطلح غسيل العقول يوضح د.عامر أن له معنيان الأول هو المعنى الشائع بين الناس بأنه يقصد به غسيل أفكار الناس،بإدخال أفكار جديدة إلى عقولهم، وهناك المعنى العلمي الأكاديمي وهو تغيير اتجاهات الناس عمداً بطريقة منظمة، وهو الذي طبقته بعض أجهزة المخابرات، وأول دولة لجأت إليه كانت الصين، ثم الاتحاد السوفيتي وغيرها من الدول، والهدف منه هو تعديل أفكار شخص ما بطريقة علمية منظمة من خلال تعريضه إلى معلومات مختلفه عن اعتقاداته، وفي مجال ليس لديه معلومات كثيرة عنه، فالشخص الليبرالي مثلاً ليس لديه معلومات عن الشيوعية، فيمكن غسيل عقله بتغذيته بأفكار عن الشيوعية حتى يتكون لديه اتجاهات ايجابية عنها.
التكنيك الخاص بغسيل العقل
ويشير د.عامر إلى أن غسيل العقل يسير بتكنيكات منظمة فلابد أن يكون الشخص جاهل بالموضوع المراد تغيير أفكاره فيه، والجهل لايعني الأمية ولكن عدم وجود معلومات، أيضاً تقوم الجهات التي تمارس غسيل العقل بوضع الشخص تحت إجهاد ذهني وعقلي حتى لا تكون لديه فرصة في التفكير فيما يقدم ويستقبل كل المعلومات والأفكار بسهولة دون نقد أو معارضة، وتقدم إليه المعلومات بشكل مكثف وبطريقة حميمية، وكأنها هي بر النجاة بالنسبة له، وعملية غسيل المخ الأصل فيها يرجع إلى نظرية العالم الشهير “بافلوف” والتي تعرف بالارتباط الشرطي، والذي كان يسيل لعاب الكلب ليس لوجود الطعام ولكن عند استماع صوت دقات الجرس وهو ما يعرف بالمثير، فالجهات التي تمارس عمليات غسيل العقول تلجأ إلى هذا نظرية “الارتباط الشرطي”كتنيك سيكولوجي لربط أفكار بأفكار من خلال التدعيم السلبي أو الايجابي للأفكار بمعنى إذا قام بتنفيذ الأفكار التي تقنعه بها جهة ما فيلقى تدعيماً إيجابياً منها وبأنه يسير في الطريق الصحيح، أما إذا فعل عكس الأفكار التي تدعوه إليها فهنا يتعرض لمصاعب ومخاطر فينصرف عن ذلك ليعود إلى الأفكار التي تريده عليها وهذا هو التدعيم السلبي.
الجهات التي تمارس غسيل العقل
ولصالح من تتم ممارسة عمليات غسيل العقول؟ يجيب د.عامر ويقول:” الجهات التي من الممكن أن تمارس غسيل العقل قد تكون الدولة لتغيير أفكار سجناءها السياسين لتتوافق مع أفكار النظام الحاكم، وهذا ما كانت تقوم به الصين فكانت تضع المساجين تحت إجهاد شديد ثم تعرضهم بعد ذلك لمحاضرات مكثفة عن الشيوعية لتغيير اتجاهاتهم من الرأسمالية إلى الشيوعية، وكذلك بعض الجماعات المتطرفة، فيقال إن الإخوان لكي تقنع المنتمين إليها بأفكارها تجعلهم في البداية يمارسون ألعاب رياضية، حتى يكونوا في وضع مجهد ثم ينقلوا لهم أفكارهم بشكل من الحنان، ويحدثوهم عن نظام الحكم أيام سيدنا أبو بكر، وعمر بن الخطاب، وأن هذا هو نظام الدولة العادل، متجاهلين اختلاف الحياة والواقع الذي نعيشة، ويقوموا بشد الشباب تجاه فكرة الجهاد، وتقديم التدعيم الايجابي لهم، ويصوروا لهم أن من يخالف عقيدتهم وأفكارهم هو ضعيف الإيمان،ونجد أن الشخصيات التي تؤثر عليها هذه الجماعات أمثال محمد مرسي وهو شخصية معها الدكتوراه ولكنه جاهل بالعلوم الاجتماعية، والسياسية، ولا يعلم شيء عن مواصفات القائد لذلك كان من السهل التأثير عليه وغسل عقله، وأيضاً أجهزة الإعلام تقوم بغسيل عقول الجماهير خاصة فيما يتعلق بخلق اتجاهات ايجابية تجاه القرارات التي تتخذها الحكومة في كثير من الأحيان”.
دعوة للتفكير الناقد
وهنا يؤكد د.عامر أننا في أحوج الحاجة إلى التفكير الناقد ولابد أن يكون لدينا فلتر لا يسمح إلا بمرور الأفكار السليمة الغير متطرفة، ولا نسمح لأحد أن يسلبنا عقلنا البشري، ويشدد على أن التطرف لايواجه إلا بالفكر، لأن كثير من المتطرفين يروا أنفسهم على صواب لذلك الفكر لايواجه إلا بالفكر.
المصدر
http://maspiro.net/news/102-2012-11-11-17-09-02/19972-2015-06-30-22-51-41.html