معتقدات واتجاهات المبدعين نحو علاقة الحرية بالإبداع وإدراكاتهم لقيود الحرية الإبداعية
ملخص
رغم ما لقيته “العلاقة بين الحرية والإبداع” من اهتمام بحثي كبير- في التراث النفسي – على المستوى النظري، فأنها لم تلق اهتماماً متكافئاً على المستوى الأمبريقي. وأغلب الدراسات التي أجريت في هذا الصدد، أجريت على عينات من ذوى الإمكانية الإبداعية – وليس على المبدعين الحقيقيين – بهدف تحديد معوقات الإبداع، والبحث في سبل للتغلب عليها.
وتتجه الدراسة الراهنة إلى المبدعين الحقيقيين من الأدباء والفنانين ، حيث تهدف إلى تحليل مضمون شهادات (44) أديباً عربياً [ نصفهم من مصر(بنسبة 54 %) و نصفهم الآخر من مختلف الأقطار العربية (الشام، والعراق، وفلسطين، والمغرب العربي، وشبه الجزيرة العربية)، من بينهم عدد أكبر من الروائيين والقصاصين (بنسبة 54.5%) ، وعدد من الشعراء (بنسبة 34%) وكُتاب المسرح(بنسبة 7%) ، ومعظمهم من الذكور (بنسبة 90.1%) ] ، وذلك لفحص معتقداتهم واتجاهاتهم نحو علاقة الحرية بالإبداع، ثم الكشف عن مختلف قيود الإبداع المُدركة من قِبلهم التي تعوق حريتهم (سواء القيود الفنية، أو الشخصية أو الأسرية، أو التعليمية، أو المهنية، أو السياسية، أو الاقتصادية، أو الحضارية..الخ).
والتزاما بالمحددات المنهجية لاجراءات تحليل المضمون، حُدِدت وحدة التحليل، وعزلت الأفكار محل التحليل، ثم صُنِفت وفقا ” لنموذج اجرائي مقترح لقيود الحرية الإبداعية”، وتم حساب صدق و ثبات التحليل بالاستعانة بعدد من المحكمين المتخصصين، وباستخدام استمارة تحليل مقننة.
وفي الإجابة عن السؤال الأول المتعلق بمعتقدات المبدعين واتجاهاتهم نحو العلاقة بين الحرية والإبداع، تناولت نتائج التحليل، تعريفات المبدعين للحرية، عموما والحرية الابداعية على نحو خاص ، كما تناولت ادراكاتهم للعلاقة بين الحرية والإبداع ، وتفسيراتهم لضرورات هذه العلاقة ، ونوع الحرية المأمولة لديهم مقارنة بالحرية المتوفرة بالفعل في موقف الإبداع المباشر. وفي الإجابة عن السؤال الثاني ، المتعلق بالقيود المُدركة من قِبل المبدعين والتي تحول دون تحقيقهم لحريتهم المنشودة. بينت نتائج التحليل صور القيود المُدرَكة المتصلة بكل مكون من مكونات “النموذج المقترح لتصنيف قيود الإبداع”، سواء من حيث مصدر القيود (داخلية أم خارجية)، أو من حيث مجال القيود (فنية، أم نفسية، أم أسرية، أم تعليمية، أم مهنية، أم سياسية، أم اقتصادية، أم حضارية) ، أو من حيث موضع القيود من عناصر عملية التواصل الإبداعي (تتصل بالمرسل (أي المبدع)، أم بالرسالة (أي المنتج الإبداعي)، أم بالمستقبل (أي المتلقي)، أوالسياق (النفسي أوالاجتماعي). وتم الكشف عن معتقدات المبدعين واتجاهاتهم نحو كل فئة من فئات هذه القيود.
وقد نوقشت النتائج في ضوء علاقة الحرية بالنسق القيمى للمبدع، وفي ضوء التحليلات النظرية لجوانب السياق النفسي الاجتماعي المقيد للإبداع . بحيث تم توضيح موقف المبدعين من السؤالين الفلسفيين اللذين طرحهما الفيلسوف أشعيا برلين Isaiah Berlin في تمييزه بين المعنيين المختلفين للحرية ، الحرية السلبية (حرية مِن …… ماذا؟ ) و الحرية الايجابية (حرية إلى……ماذا).