التشابه المدرك بين الأبناء والوالدين في الأساليب المعرفية / الإبداعية وعلاقته بالرضا عن الحياة والعلاقات الأسرية
تهدف الدراسة الراهنة إلى الكشف عن مدى التشابه المدرك من قبل الأبناء لوالديهم في أساليب الشخصية المعرفية والإبداعية (المضمنة في نموذج ستيرنبرج)، وعلاقة ذلك بالرضا عن الحياة والعلاقات الأسرية. وتمثل الدراسة الراهنة واحدة من سلسلة دراسات صممها وأعدها الباحث الأول (وشاركه في بعضها ثلاث زميلات)، بهدف الوصول إلى ما أطلق عليه في بحث سابق (عامر، 2010) “الجينوم النفسي”، وهو تعبير مجازي استخدمه الباحث ليشير به إلى التشابه بين أهداف هذا المشروع البحثي وأهداف دراسات “الجينوم البيولوجي”. فكما أن الأخيرة يمكن أن تسهم في تحديد المترتبات الجسمية والصحية المتوقع أن تنشأ نتيجة تشابه الجينات بين الأقارب وبين الأزواج. فإن الجينوم النفسي -كتعبير مجازي- يمكن أن يسهم بدوره في تحديد المترتبات الصحية (النفسية والاجتماعية) المتوقع أن تنشأ في السياق الاجتماعي كنتيجة لتشابه الأقارب أو الزوجين في أساليب الشخصية وغيرها من الخصال النفسية.
وعلى هذا تكمن أهمية الدراسة الراهنة – على المستوى النظري والإرشادي – في محاولتها الإسهام في الإجابة عن عدة أسئلة معلقة في التراث البحثي منها: ما حجم التشابه في الأساليب المعرفية بين الأبناء والوالدين؟ وهل يمثل التشابه في أساليب الشخصية مقوماً إيجابياً أم سلبياً في التوافق الأسري، خاصة إذا تعلق الأمر بالأساليب المعرفية المرتبطة بالإبداع. وبالإجابة المبارة عن هذه الأسئلة يمكن الإجابة – غير المباشرة – عن السؤال كيف تتشكل الأساليب؟
وفي اتجاه تحقيق هذه الأهداف، أجريت الدراسة عينة قوامها (177) خريجاً جامعياً، وبمتوسط عمر 28 عاماً، من بينهم (111) من الإناث و(66) من الذكور، طبقت عليهم بطاريتان من المقاييس، الأولى: بطارية الأساليب المعرفية الإبداعية (وهى صياغة معدلة من قبل الباحث الأول (من حيث البناءوطريقة التصحيح) لبطارية ستيرنبرج لأساليب التفكير)، بالإضافة إلى بطارية الرضا عن الحياة والعلاقات الأسرية ( وهى صياغة منقحة لبطارية مريم الذوادي من قبل الباحثة الثانية). وقد بينت النتائج أن مدى التشابه بين الأبناء والآباء في أساليبهم المعرفية الإبداعية قد تراوح ما بين (41%: 61%) وتراوح في حالة التشابه بالأمهات ما بين (44%: 57%)، ويتباين حجم هذا التشابه باختلاف الأسلوب المعرفي محل الاهتمام، فكان أعلى تشابه فيما يتصل بهذه الأساليب هو التشابه على بعد التشريعية/ التنفيذية في حالة التشابه مع الأب وبعد التحررية/ المحافظة في حالة التشابه مع الأم. كما تبين أن المتشابهين مع والديهم في هذين البعدين يكونون أكثر توافقاً ورضا عن حياتهم من المختلفين في أساليبهم المعرفية.
linkدار المنظومة